أيام الغربه
إلى أصدقائي و إخوتي الأعزاء لقد انتهت الرحله ... ووصل كل منا إلى داره حيث الهدوء والسكينة والراحة من تعب ومشقة أيام الغربه ... كل منا يحمل حقيبة بها القليل من الذكريات فى قصاصات من الورق وبعض الصور التى تشدو بأحلى وأجمل الذكريات ولكنها ذكريات ...ذكريات فقط نحميها برمش أعيننا ونحفظها فى حنايا القلب .
يا لها من رحلة طويلة .... فهى قاربت الأربع سنوات تذوقنا أيامها بحلوها ومرها فأصبح حلوها يسعدنا ، ومرها يصبرنا على الحياة.
أصدقائي الأعزاء أنى اكتب تلك الكلمات و قلبي يخفق بشده ليدور شريط من الذكريات يحكى لي كل ساعة قضيناها معاَ فى أيام الغربه ، ومازلت أتذكر ذلك اليوم الذى كنت الصق فيه طابع التنسيق الخاص بكلية الآداب و أتذكر كيف كنت أضع اختيار كلية الآداب جامعة المنيا بلا اكتراث او اهتمام فمن كان يعلم أن الرغبه رقم 14 من الرغبات ال 48 هى التى ستأتي حيث تشاء الأقدار أن تكون عروس الصعيد هى أهم مرحله فى حياتي .
المنيا عروس الصعيد تلك البلد الجميلة ذات الطبيعة المسكينة فعلى الرغم من أنها بلد بكر صبوح إلا إنها بلد لم تنال حظها من الاهتمام .........ما زال شريط الذكريات يدور وهاأنا ذا أودع أهلي واحتضن أمي وهى تبكى لفراقي لها لأول مره فى حياتي وحياتها والى ألان مازالت أثار دموعها على خدي تذكرني بأول لحظة فراق أعيشها فى حياتي .
منذ أن لمست قدمي ارض المنيا وبدأت الأحداث تتوالى وكأن مخرج ما يقوم بترتيب وتوزيع الأدوار ليخرج لنا فى نهاية الرواية صورة درامية غاية فى التأثير .... أخذت أهيم فى شوارع وطرق عروس الصعيد دون هدف واضح فانا ألان اعبر إلى عالم جديد اجهل ماهيته .... أخذت أتحسس ملامح هذا العالم من شوارع وأهل تلك المدينة الهادئة حتى جذبتني عروس الصعيد إلى الكورنيش – كورنيش النيل - ........ و لن أنسى مهما طال بي العمر روعة وجمال ذلك المنظر الخلاب - سبحان الخالق – تنسيق وتناغم أكثر من رائع بين الأشجار بخضرتها والنيل بمراكبه وجزره الخلابة والجبال بصمودها وعزتها والسماء بسحبها و طيورها المغرد ه .

لقد تجمدت المشاعر وتحجرت القلوب وذبلت الورود واصبح الجفاء هدفنا الذى نسعى اليه ، حتى ان اقلامنا اصبحت تأبى الكلام ... توقف شلال المشاعر فجف نهر حبنا واصبحنا نسير فى ممر طويل مظلم حالك الظلام كل منا يتحسس طريقه الى الاخر لان نهتدى سوى بوقود الامل الذى يدفعنا الى المجهول حيث لا نعلم الى اين ولا نعلم حتى كيف دخلنا الى هذا الممر المظلم ؟؟!!
لقد كنا نعيش معا فى عالم صنعناه من مخيلتنا ... كنا نمرح ونفرح ونلعب ونصنع من الورود اجنحة نطير بها لنعانق السماء الصافيه فنداعب الفراشات ونلهو مع العصافير لتشدو ارق الاغانى التى تطرب اذاننا .
لقد كان الحب طاقة من نور تدفعنا دائما الى الامام ...الى الغد المشرق حيث الامل والطموح ... ولكن فاجاة يسود صمت رهيب ويبدأ عالمنا الخيالى فى التلاشى ليظهر الواقع بوجهه القبيح وكأبته المعهوده ويدور كل منا فى دوامة من روتين الحياة اليوميه الممله .... قلبينا ينادى احدهما على الاخر ولكن لا احد يبالى فليس هناك وقت للحب فالواقع وحش مرير يسلب منا مشاعرنا والحياة ما هى الا مجموعة من الضغوط التى تدفع الانسان الى التخلى عن العديد من المبادىء حتى الحب اصبح فريسة يسعى الزمان للنيل منها مراراَ وتكراراَ.

اليوم لن اناديكى بأميرتى فقصرنا الذى شيدناه على قواعد حبنا اصبح مهجوراَ وبدأت جدرانه فى الانهيار فلقد ثقل عليها الحمل ومملكتنا اخذه فى التهاوى وهاهى رؤوس اعدائنا تطل من خلف النوافذ وتعكس اشباحها .... مليكتى تعالى نلملم أشلائنا التى بعثرها الزمان تعالى حبيبتى .... تكلمى .... لاتصمتى ... تكلمى اصرخى ابكى اضحكى ولكن لا تظلى هكذا ساكنة فانا اخاف الصمت بسكونه المرعب المخيف ، كم امقته !!! ، حبيبتى تكلمى حركى شفتاكى الرقيقه ابتسمى حتى تعيدى لى بريق عينى ، دعى لسانك الفصيح يعبر عن سيل الكلمات المتدفق من عيناكى ...عيناكى ...
يا الهى ما عدت استطيع ان ابحر فى بحار عيناكى .
ماذا حدث لنا ؟؟؟؟!!!


دعينا نحطم هذا الجليد ... اعطينى يديكى وتعالى لنواجه الزمان الذى يطل لنا من بين حطام مملكتنا ويرمقنا بنظرة سخرية وانتصار زائف ، تعالى لنواجه الزمان معاَ كما كنا من قبل تعالى لنقيم مملكتنا من جديد فما زال فارسك المغوار يرغب فى استرداد عرشك ويقيم لك قصراَ باسوار من الاخلاص والشفافيه والثقه لتحمينا من غدر اعدائنا .
حبيبتى هاانا ذا امد لكى يدى لنعبر معاَ الى عالم جديد ، تعالى لنخرج من هذا النفق المظلم و نزلزل الصمت بصوت ضحكاتنا واغانينا الرومانسيه وتعالى نمحو من معاجمنا كل مصطلح يرمز للفراق والهجر .
وردتى الغاليه ان حبك ما زال نبض قلبى وصوتك ما زال صداه بتردد بين جنبات صدرى وهمساتك الى الان تداعب اذانى او تعلمين انك اصبحتى نفسى وروحى وعقلى وجسدى وكل حياتى ، فانا عندما انظر الى المرآه اراكى امامى .....حبيبتى ... انى اصبحت ارى العالم من خلالك لوحة فنبه رائعة التصوير ، تلك اللوحه بأدت ملامحها فى الزوال فذبلت الورود وهربت الفراشات واختفت العصافير وتوارت الاشجار خلف الصخور وما عدا سوى الصمت ............الصمت الرهيب.... والصخور الجامده .... والجليد المنتشر فى ارجاءالمكان .